recent
أخبار ساخنة

هل الخلافة عن الله تقتضي الغياب والعجز؟

خلافة الإنسان للأرض على وجه الابتلاء ليست خلافة عن غيبة المستخلف، لأن خلافة الإنسان لأخيه الإنسان وإن اقتضت الغياب في العادة إلا أنها في حق الله واستخلافه لآدم وذريته كانت سببا مباشرا في نشأة عالم الغيب والشهادة؛ فالله غيب بالنسبة للإنسان؛ لأنه صل الله عليه وسلم جعل مداركه محدودة على وجه الابتلاء، فهما غيب وشهادة ليس بالنسبة لله وعلمه بخلقه، ولكن بالنسبة لعلم الإنسان بمخلوقات ربه، سواء المرئية أو الغيبية، حيث قال سبحانه عن شمولية علمه لكل صغيرة وكبيرة في خلقه: عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعالِالرعد:٩. وقال في المقابل عن حدود علم المستخلف: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا الإسراء:٨٥.


 


ومن ثم فإن علم الإنسان في الدنيا مهما بلغ محدود، وحواسه لها حدود وقيود، وسوف يحاسب عليها في يوم موعود، وعلى ذلك ترتبت أمور التكليف وأحكام الشرائع والعبودية؛ فكان النطق بشهادة الحق أمرا وتكليفا، وترك الزور وقول الصدق مدحا وتشريفا، فاستخلاف الإنسان في الأرض سببه مراعاة الأمانة وتحمل المسئولية، وليس نيابة عن الله صل الله عليه وسلم في معنى من معاني الربوبية، أو تخويلا لغيره في إرادته الكونية، سبحانه وتعالى أن يتخذ شريكا له في ملكه، أو يتخذ وليا من الذل وينعزل عن خلقه.


 


قال تعالى:  وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا    الإسراء:١١١.


وقال تعالى:إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً  فاطر:٤١.


 


والذين نفوا أن يكون الإنسان خليفة عن الله صل الله عليه وسلم في أرضه كشيخ الإسلام ابن تيمية ومن قال بقوله إنما أرادوا هذا المعنى، وهو نفي النيابة عن الله في معنى من معاني الربوبية، أو غياب الحق وانعزاله عن تدبير شئون الخلق،لأن إطلاق لفظ الخليفة عن الله دون تقييده بمعنى الابتلاء يشمله.


google-playkhamsatmostaqltradent