recent
أخبار ساخنة

ما هي عقيدة أهل السنة في صفة اليدين؟


مذهب أهل السنة والجماعة هو إثبات ما أثبته الله عز وجل لنفسه، وما أثبته رسوله صل الله عليه وسلم من أن لله تعالى يدين حقيقيتين، هما من صفات ذاته، ونثبتهما من غير تمثيل ولا تكييف، ومن غير تعطيل ولا تحريف. وقد تنوعت الأدلة في الكتاب والسنة على إثبات اليدين لله عز وجل وإثبات الأصابع لهما، وإثبات القبض بهما، وذلك كقول الله تعالى: قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ۖ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ ص:٧٥. وقال تعالى:وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ۚ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا ۘ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ۚ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا ۚ وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۚ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ ۚ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ۚ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَالمائدة:٦٤. فالله تعالى لم ينكر على اليهود وصفهم له باليد، وإنما أنكر عليهم وصف اليد بالغلول، وهذه الآية من الأدلة الواضحة على إثبات يدين لله على الحقيقة.


وكذلك وصفت اليد بأوصاف تدل على أنها صفة ذاتية حقيقية، منها القبض كما صح من حديث ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صل الله عليه وسلم قال: (إِنّ الله يقْبِضُ يوْم القِيامةِ الأرْض، وتكُونُ السّماواتُ بِيمِينهِ، ثمّ يقول: أنا الملكُ)([1]). وصح من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن النبي صل الله عليه وسلم قال: (إِنّ المقْسِطِين عِنْد الله على منابِر مِنْ نُورٍ عنْ يمِينِ الرّحْمنِ عز وجل، وكِلتا يديْهِ يمِينٌ، الذِين يعْدِلون فِي حُكْمِهِمْ وأهْليهِمْ وما ولوا) ([2]).


ووصفت اليد أيضا بالأصابع التي تدل على أن اليد حقيقية وليست مجازية أو معنوية كما ادعى أهل التأويل الباطل، ففي حديث ابن مسعود رضي الله عنه: (أنّ يهُودِيًّا جاء إِلى النّبِيِّ صل الله عليه وسلم فقال: يا مُحمّدُ، إِنّ الله يُمْسِكُ السّمواتِ على إِصْبعٍ، والأرضِين على إِصْبعٍ، والجِبال على إِصْبعٍ، والشّجر على إِصْبعٍ، والخلائِق على إِصْبعٍ، ثمّ يقُول: أنا الملكُ، فضحِك رسُول اللهِ صل الله عليه وسلم حتّى بدتْ نواجِذُهُ ثمّ قرأ: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ الزمر:٦٧. قال ابن مسعود رضي الله عنه: فلقدْ رأيْتُ النّبِيّ صل الله عليه وسلم يضْحكُ حتّى بدتْ نواجِذُهُ تعجُّبًا وتصْدِيقًا لقوْلهِ) ([3]).


وأغلب المتكلمين يؤولون اليدين إما بالقدرة، أو النعمة، أو الخزائن، وهذا باطل في سياق التثنية؛ لأن لغة العرب التي نزل بها القرآن يجوز فيها استعمال الواحد في الجمع، كقوله تعالى:  إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ العصر:٢. ويجوز فيها استعمال الجمع في الواحد كقوله: الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ آل عمران:١٧٣. فكلمة الناس يقصد بها شخص واحد، وهو نعيم بن مسعود الأشجعي، وكلمة الناس الثانية هم عسكر قريش. ويجوز استعمال الجمع في الاثنين كقوله تعالى: إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ۖ وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ التحريم:٤. ولكن لا يجوز في لغة العرب استعمال الواحد في الاثنين، فلا يجوز أن تقول: عندي رجل، وأنت تعني رجلين، ولا يجوز في لغة العرب استعمال الاثنين في الواحد، فلا تقل: عندي رجلان، وأنت تعني به جنس الرجال. وعلى ذلك لا يجوز تأويل اليدين بالقدرة؛ لأن القدرة صفة واحدة، ولا يجوز أن يعبر بالاثنين عن الواحد، ولا يجوز أيضا تأويل اليدين بالنعمة، لأن نعم الله عز وجل لا تحصى ولا تعد، وعلى ذلك، فلا يجوز أن يعبر بالاثنين عن الجمع، مما يبطل تأويل اليدين في سياق التثنية بالنعمة أو القدرة، ومن فعل ذلك فقد حرف كلام الله عن مواضعه.


كتاب سهل -الرضواني

google-playkhamsatmostaqltradent