recent
أخبار ساخنة

ما هي حقيقة الخوف من الله؟ وما العلامات الدالة عليه؟






الخوف من الله تعالى فرض على جميع المكلفين، وسائر المقتصدين والسابقين، كما قال الله تعالى: إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ آل عمران:١٧٥. والخوف هرب القلب من حلول المكروه عند استشعاره، والخشية أخص من الخوف، فإن الخشية للعلماء بالله، فهي خوف مقرون بمعرفة، وأما الهيبة فخوف مقارن للتعظيم والإجلال، والخوف ليس مقصودا لذاته، بل يزول بزوال السبب المخوف، فإن أهل الجنة إذا زحزحوا عن النار ودخلوا الجنة فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

والقلب في سيره إلى مرضاة الله عز وجل بمنزلة الطائر، فالمحبة رأسه، والخوف والرجاء جناحاه، فمتى سلم الرأس والجناحان فالطير جيد الطيران، ومتى قطع الرأس مات الطائر، ومتى فقد الجناحان فهو عرضة لكل صائد وكاسر، ولكن السلف استحبوا أن يقوى في الصحة جناح الخوف على جناح الرجاء، وعند الخروج من الدنيا يقوى جناح الرجاء على جناح الخوف،

 ومن العلامات الظاهرة الدالة على وجود الخوف في القلوب:

1- الترقب وطلب النجاة، وهو علامة تبدوا على الخائف خوفا شديدا لا يستطيع دفعها كما قال تعالى في شأن موسى عليه السلام: فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ ۚ قَالَ لَهُ مُوسَىٰ إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ القصص:١٨. وعلامة الخائفين كثرة المراقبة لله، والاستعداد للرحيل عن الحياة، والتعلق بما ينال به النجاة. قال تعالى: وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ الأنعام:٥١.

2- ومن علامات الخوف تقلب البصر، وكثرة دورانه إلى درجة قد تصل على عدم التمييز بين الأشياء؛ فيتخبط في قوله وفعله، وهي صفة فطرية تظهر على الخائفين دو شعور كما قال تعالى: قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلاَّ قَلِيلا الأحزاب:١٨. وعلامة الخوف في المقتصدين طلب الراحة المؤدي لتمام الواجب، وفي السابقين الخوف المؤدي لتمام الواجب والمستحب، وقد صح أن النبي صل الله عليه وسلم قال: (يا بلال أقِمْ الصّلاة، أرِحْنا بِها)

3- ومن علامات الخوف الفرار والتولي مما يخاف وعدم الالتفات إليه، كما قال تعالى: وَأَلْقِ عَصَاكَ ۚ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّىٰ مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ ۚ يَا مُوسَىٰ لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ النمل:١٠. ومن حديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال: (والذي نفْسُ مُحمّدٍ بيده لو رأيْتُمْ ما رأيت، لضحِكْتُمْ قليلا ولبكيْتُمْ كثيرًا قالوا: وما رأيْت يا رسُول الله؟ قال: رأيت الجنة والنار)

4- ومن علامات الخوف الطاعة والخضوع له، والخوف المحمود الصادق هو ما حال بين صاحبه وبين محارم الله عز وجل، قال تعالى: قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ، مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ ۚ وَذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ الأنعام:١٥/١٦.

5- ومن علامات الخوف، قلة النوم، وعدم الغفلة، ودوام الفكرة، قال تعالى: تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ السجدة:١٦.

6- ومن علامات الخوف الغشية، وانقباض القلب والصدر، وذهاب العقل عن لازم القول والفعل، روى البخاري من حديث حذيفة رضي الله عنه أن النبي صل الله عليه وسلم قال: (كان رجُل مِمّنْ كان قبْلكُمْ يُسِيءُ الظّنّ بِعملهِ، فقال لأهْلهِ: إِذا أنا مُتُّ، فخُذونِي فذرُّونِي فِي البحْرِ فِي يوْم صائِفٍ، ففعلوا بِهِ، فجمعهُ الله ثمّ قال: ما حملك على الذي صنعْت؟ قال: ما حملنِي إِلا مخافتُك فغفر لهُ)

كتاب سهل - الرضواني
google-playkhamsatmostaqltradent