recent
أخبار ساخنة

ما هو أثر الإيمان بمشيئة الله على حياة الإنسان؟


التوحيد الحق أن يعلق العبد أفعاله على مشيئة الله عز وجل في جميع الأوقات، سواء في الماضي أو الحاضر أو المستقبل، فكل شيء يجري بتقديره ومشيئته، ومشيئته تنفذ، لا مشيئة للعباد إلا ما شاء لهم، فما شاء لهم كان، وما لم يشأ لم يكن، وقد علمنا نبينا صل الله عليه وسلم أن المسلم يقول فيما وقع من الأحداث ومضى وانتهى: قدر الله وما شاء فعل، ولا يقول: لو كان كذا وكذا، لكان كذا وكذا، فلا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه، لاسيما بعد نفاذ أمره ووقوعه، وإنما يجوز أن يقول ذلك فيما يستقبل.

قال رسول الله صل الله عليه وسلم: (المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خيرٌ، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيءٌ فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، لم يصبني كذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان)

أما رد الأمر إلى المشيئة في الحاضر فلقوله تعالى: وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ۚ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدً
ا  \ الكهف:٣٩. 

وهنا ينسب الموحد النعمة إلى ربه الذي أنعم بها عليه، ويرد الأمر فيها إليه، فالعبد الصادق الموحد مؤمن بأن الله عز وجل منفرد بالمشيئة والتقدير، والقدرة والتدبير، يتولى تدبير شئون العالمين، وهو أحكم الحاكمين، وخير الرازقين، لا يطمع في سواه، ولا يرجو إلا إياه، ولا يشهد في العطاء إلا مشيئته، ولا يرى في المنع إلا حكمته، ولا يعاين في القبض والبسط إلا قدرته، ويقول عندما يرى نعم الله عليه، ما شاء الله لا قوة إلا بالله.
وأما رد الأمر إلى المشيئة في المستقبل فهو كقوله تعالى: وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَٰلِكَ غَدًا ، إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ۚ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَىٰ أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَٰذَا رَشَدًا \الكهف:٢٣/٢٤.

 وذلك لأن تحقيق مشيئة الإنسان متوقفة على مشيئة الله في العطاء، وخلقه سبحانه لسائر الأشياء، فلو قال العبد: إن شاء الله لربما تحقق مطلبه، وأعطاه الله ما يريد، فإن الله تعالى له المشيئة المطلقة، فما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، لكن جميع أفعاله لا تخرج عن حكمته، فهو سبحانه متصف بالقدرة والحكمة، ومن أسمائه القدير الحكيم، فبالقدرة خلق الأشياء وأوجدها، وهداها وسيرها، وهذا توحيد الربوبية، وبالحكمة رتب الأسباب ونتائجها، وابتلانا واستخلفنا وخولنا، وكلفنا لنأخذ بها تحقيقا لتوحيد العبودية.
google-playkhamsatmostaqltradent