recent
أخبار ساخنة

ما هي طريقة السلف في إثبات الصفات؟


طريقة السلف الصالح في إثبات الصفات هي طريقة القرآن والسنة، وهي تعتمد على أمرين اثنين:

الأمر الأول: النفي المجمل لصفات النقص، والإثبات المفصل لصفات الكمال، فالله عز وجل نفي عن نفسه كل صفات النقص إجمالا، ولم يفصل فيما نفاه عن نفسه تفصيلا، فقال تعالى في النفي: فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا ۖ يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ ۚ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ/ الشورى:١١. 

وقال أيضا: وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ الإخلاص:٤. وقد أثبت الله عز وجل لنفسه صفات الكمال على وجه التفصيل، فقال تعالى: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ، هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ، هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ/  الحشر:٢٢/٢٤.



وغير ذلك من الآيات التي عدد الله عز وجل فيها أسماءه وأوصافه وأفعاله، مثبتا لها ولكمالها وجلالها ومفصلا في ذلك. واعلم أن طريقة السلف في الإثبات والنفي على العكس من طريقة أهل البدع والمتكلمين، فإنهم يجملون في الإثبات ويفصلون في النفي، فمثال الإجمال في الإثبات، ما فعله أهل الاعتزال حين أثبتوا وجود الله بلا أي صفة له.



ومثال التفصيل في النفي عندهم قولهم في مدح الله: ليس بجسم، ولا شبح، ولا صورة، ولا لحم، ولا دم، ولا بذي لون، ولا طعم، ولا رائحة، ولا مجسة، ولا بذي حرارة، ولا رطوبة، ولا يبوسة، ولا طول، ولا عرض، ولا عمق، ولا.. ولا.. الخ. وهذا يماثل قول الأحمق في مدح الملك أو الأمير: لست بزبال، ولا كناس ولا حمار، ولا نسناس، ولا خادم، ولا حقير، ولا متسول، ولا فقير، ولا.. ولا... الخ.



وكان يكفيه أن يجمل في النفي ويقول للأمير: ليس لك نظير فيما رأت عيناي، أو لا يماثلك أحد في وصف كذا 
لكنهم لا يرغبون في إثبات أي صفة من صفات الله عز وجل، فإن سألتهم: من تعبدون؟ قالوا: نعبد من لا صفة له، قيل لهم: من لا صفة له يكون معدوما بلا وجود، ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: المعطل يعبد عدما.



وهذه الطريقة التي اتبعتها المعتزلة والأشعرية، أو أي طائفة من أتباع الجهمية هي في الحقيقة طريقة ذم، وليس فيها مدح، فالنفوس مفطورة على أن تمدح بالإجمال في النفي، والتفصيل في الإثبات وليس العكس، فتدبر.



الأمر الثاني: في طريقة إثبات الصفات عند أهل السنة أن طريقتهم في نفي النقص عن الله، النفي المتضمن لإثبات كمال الضد، فإذا قال تعالى: اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ/البقرة:٢٥٥. 

علمنا أن نفي السنة والنوم يتضمن كمال الضد، وهو إثبات حياة الله وقيوميته. وقوله تعالى: وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ۚ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ۗ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا الكهف:٤٩. 

فيه نفي الظلم عن الله المتضمن لكمال الضد، وهو منتهى العدل، وهكذا في سائر ما ورد في الكتاب والسنة.



وكل نفي لا يتضمن إثباتا للكمال لم يصف الله به نفسه في الكتاب والسنة، ولذا فإن طريقة الخلف من المعتزلة والأشعرية في نفي صفات النقص عن الله هي بذاتها عين النقص؛ لأنهم إذا قالوا: الله ليس بجسم، وتساءل العقلاء؟ ماذا يكون إذا لم يكن جسما؟ هل يكون عرضا؟ قالوا: ولا عرضا، فماذا يكون إن لم يكن عرضا؟ هل يكون شبحا خياليا؟ قالوا: ولا شبحا، ولا صورة، ولا لحم، ولا دم، ولا بذي لون، ولا طعم، ولا رائحة، ولا مجسة، ولا بذي حرارة، ولا رطوبة، ولا يبوسة، ولا طول، ولا عرض، ولا عمق، فيقال لهم: إن الله إذا نفى عن نفسه وصفا أثبت كمال ضده، فماذا أثبتم بهذا النفي غير الكلام الفارغ الخالي من المدح؟
google-playkhamsatmostaqltradent