recent
أخبار ساخنة

لماذا يجب الحذر من تأويل كلام الله ورسوله بغير دليل؟


لماذا يجب الحذر من تأويل كلام الله ورسوله بغير دليل؟
لأنه تحريف للكلم عن مواضعه؛ فالمتكلم يريد شيئا واضحا ظاهرا في كلامه يختلف عن المعنى الذي يريده المؤول، ولذلك يسمى التأويل بغير دليل تحريفا ومجازا باطلا.

والسبب الذي دفع الخلَف من المتكلمين إلى التأويل الباطل لنصوص الكتاب والسنة، أن المعطل بعد رفضه للنصوص بناء على اعتقاده فيها التمثيل والتشبيه، أراد أن يستر جريمة التعطيل حتى لا يقال في حقه إنه يكذب بالقرآن والسنة، فأخفى جريمة التعطيل تحت شعار التأويل وادعاء المجاز والبلاغة في فهم النصوص، فاستبدل المعنى المراد من نصوص القرآن والسنة بمعنى بديل لا يقصده المتكلم بها.


ولذلك أراد أحمد بن أبي دؤاد المعتزلي من الخليفة العباسي المأمون بن هارون الرشيد أن يحرف قول تعالى: فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا ۖ يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ ۚ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ الشورى:١١. إلى قوله: ليس كمثله شيء وهو العزيز الحكيم. وكانت الآية مدونة على سترة الكعبة، فأراد أن يحرف كلام الله عمدا ويبدله لينفي وصفه تعالى بأنه يسمع ويبصر، وذلك لاعتقاده أن السمع في حق الله لا بد أن يكون بأذِن وجارحة.

ويشبه هذا الصنيع الباطل قول المعتزلة والأشعرية بأن الاستواء في قوله تعالى: الرَّحْمَٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ طه:٥. معناه الاستيلاء والقهر. وأن اليدين في قوله: قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ۖ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ ص:٧٥. هما القوة والقدرة. وكل ذلك وأمثاله منكر من القول وتزوير في لغة العرب، لأن العرب عند التحقيق لا تعرف الاستواء بمعنى الاستيلاء والقهر، ولا اليدين في مثل هذا السياق بمعنى القدرة؛

ولذلك ذكر ابن تيمية أن التحريف بالتأويل أقبح من التعطيل والتكييف والتمثيل، لأنه ما حرف إلا لأنه عطل، وما عطل إلا لأنه كيَّف ومثل، فجمع أنواع الضلال بتأويله الباطل.

ولا حجة لقول بعضهم: إن اللغة فضفاضة مرنة وحمالة للمعاني، وتتسع لأنواع المجاز والتأويل؛ لأن اللغة لها ضوابط معروفة، لا يسعنا أن نخرج عن قواعدها، فالسلف استعملوا التأويل في عصرهم بمعنى غير ما يعرف الآن عند الأشعرية أو سائر علماء الكلام، إذ تقيدوا بما ورد في القرآن والسنة وما عرف بين الصحابة والتابعين من معاني التأويل.

كتاب سهل - الرضواني
google-playkhamsatmostaqltradent