recent
أخبار ساخنة

ما هي مراتب إحصاء أسماء الله الحسنى؟


إحصاء الأسماء الحسنى وجمعها من الكتاب والسنة له من الأهمية والمكانة في قلوب المسلمين ما تتطلع إليه نفوس الموحدين، وتتعلق بها ألسنة الذاكرين ويرتقي العابدون من خلالها درجات السابقين المقربين، وقد أخبرنا نبينا صل الله عليه وسلم أن الله عز وجل أنزل عليه في كتابه وسنة نبيه صل الله عليه وسلم جملة من أسمائه، عددها تسعة وتسعون اسما مائة إلا واحدا، من أحصاها دخل الجنة، والمراد بإحصاء الأسماء الحسنى ليس فقط مجرد جمعها من الكتاب والسنة بأدلتها، ولكن إحصاءها له ثلاث مراتب:

المرتبة الأولى: إحصاء ألفاظها وعددها، وجمع التسعة والتسعين اسما بصيغتها التي وردت بها في أدلتها التوقيفية الواردة في النصوص القرآنية والنبوية، ثم بعد ذلك حفظها، لما ورد عند مسلم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صل الله عليه وسلم قال: (لِلَّهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ اسْمًا مَنْ حَفِظَهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ) ([1]).

المرتبة الثانية: فهم معانيها ومدلولها، فيؤمن بأن أسماء الله الحسنى التسعة والتسعين الثابتة في الكتاب والسنة هي أسماء على مسمى، تضمن كل منها الدلالة على الوصف والمعنى، ويعتقد أن هذه الأسماء تدل على الصفات بالمطابقة والتضمن واللزوم، وأن الصفات التي دلت عليها هذه الأسماء هي صفات حقيقية، معلومة المعنى مجهولة الكيفية، وأنها لا تخضع للأقيسة التمثيلية والشمولية التي يستخدمها أصحاب المذاهب الكلامية.

المرتبة الثالثة: دعاء الله بها، فيدعو الله عز وجل بالأسماء التسعة والتسعين التي أخبر نبيه صل الله عليه وسلم عن وجودها في الكتاب والسنة، تحقيقا لقوله تعالى: وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ الأعراف:١٨٠.

والدعاء بها نوعان:

النوع الأول: أن يطلب من الله متوسلا إليه في دعائه بذكر أسمائه وما دلت عليه من صفاته، ويتخير منها ما يناسب طلبه واحتياجاته، فيدعو الله بها، كما ورد في قوله تعالى: رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ آل عمران:٨. وكما صح من حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه أن النبي صل الله عليه وسلم دعا فقال: (اللهم آتِ نفسي تقوَاهَا، وَزَكِّهَا أنت خَيْرُ من زَكَّاهَا، أنت وَلِيُّهَا وَمولاَهَا) ([2]). فدعا الله باسمه المولى. وكذلك ما صح من حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صل الله عليه وسلم كان إذا أتي مريضًا أو أتِي به قال: (أذهب البَاسَ رَب الناسِ، اشف وأنت الشافي، لا شِفاءَ إلا شِفاؤُك، شِفاءً لا يغادِر سَقما) ([3]). وهذا كله يسمى دعاء مسألة.

النوع الثاني: دعاء العبادة، وهو أثر يَظهَر العبد بمقتضاه موحدا لله في أسمائه الحسنى، ففي حال فقره يستغني بالله عمن سواه توحيدا له في اسمه الغني، فيتعفف عن السؤال، ويتوكل على رب العزة والجلال، آخذا بأسباب الحلال على وجه الكمال، راضيا بما قسمه الله. وإن كان العبد ممن أنعم الله عليه فأغناه، فإنه يظهر بمظهر الفقر في غناه توحيدا لله في اسمه الغني، وتواضعا لله في افتقاره الذاتي، وهكذا يكون توحيد العبودية لله في سائر حياته، توحيدا منه لله في أسمائه وصفاته، وهو المقصود بدعاء العبادة التي أمرنا الله بها فقال: قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا الفرقان:٧٧ .

كتاب سهل - الرضواني
google-playkhamsatmostaqltradent