recent
أخبار ساخنة

ما هي حقيقة الرضا وما منزلته من عبوديات القلب؟



أجمع العلماء على أن الرضا بالقضاء مستحب، ولا بد أن نفرق بين الرضا بالقضاء والقدر، أو الرضا بأفعال الله من جهة، والرضا بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صل الله عليه وسلم رسولا من جهة أخرى، فهذا لا يسع أحد عدم الرضا به، ولازمه القبول به والانقياد له. ومن حديث العباس رضي الله عنه أن النبي صل الله عليه وسلم قال: (ذاق طعْم الإِيمانِ منْ رضِي بِالله ربًّا، وبِالإِسْلامِ دِينًا، وبِمُحمّدٍ رسُولا) وقد تضمن الحديث الرضا بربوبيته سبحانه وإلوهيته، فالرضا بإلهيته هو الرضا بمقتضى شرعه وحكمته، وهو يتضمن الرضا بمحبته وحده، وخوفه ورجائه، والإنابة إليه، والتبتل إليه، وانجذاب قوى الإرادة والحب كلها إليه، وذلك يتضمن عبادته والإخلاص له.

والرضا بربوبيته هو الرضا بقضائه وقدره ومقتضى قدرته، وهو يتضمن الرضا بتدبيره الكوني لعبده، ويتضمن إفراده بالتوكل عليه، والاستعانة به، والثقة به، والاعتماد عليه، وأن يكون راضيا بكل ما يفعل به، فالأول يتضمن رضاه بشرعه وما يؤمر به، والثاني يتضمن رضاه بما يُقدِّره عليه.

وأما الرضا بنبيه رسولا، فيتضمن كمال الانقياد له، والتسليم المطلق إليه، بحيث يكون أولى به من نفسه، فلا يتلقى الهدى إلا من مواقع كلماته، ولا يحاكم إلا إليه، ولا يرضى بحكم غيره البتة، لا في شيء من أسماء الرب وصفاته وأفعاله، ولا في شيء من حقائق الإيمان ومقاماته، ولا في شيء من أحكام ظاهره وباطنه، لا يرضى في ذلك بحكم غيره، ولا يرضى إلا بحكمه سبحانه، فإن عجز عنه، كان تحكيمه غيره من باب غذاء المضطر إذا لم يجد ما يقيته إلا من الميتة والدم، وأحسن أحواله أن يكون من باب التراب الذي يتيمم به عند العجز عن استعمال الماء الطهور.

وأما الرضا بدينه فإذا قال أو حكم أو أمر أو نهى، رضي كل الرضا، ولم يبق في قلبه حرج من حكمه، وسلم له تسليما، ولو كان مخالفا لمراد نفسه، أو هواها، أو قول مقلده وشيخه وطائفته، ومن أعظم أسباب حصول الرضا أن يلزم الراضي ما جعل الله رضاه فيه.
google-playkhamsatmostaqltradent