recent
أخبار ساخنة

ما هو الركن الخامس من أركان الاختيار في الإنسان؟


الركن الخامس من أركان الاختيار في الإنسان الاستطاعة البشرية، فقد جعلها الله سببا للتكليف والمسئولية قبل الفعل، وجعلها مع الفعل توفيقا بفضله لمن شاء من عباده، أو خذلانا بعدله لمن حاد عن هديه ومراده، وقد علمنا أنه من حكمة الله سبحانه وتعالي خلق الاختيار الحر في الإنسان، وأن مقومات هذا الاختيار مبنية على وجود النازعين والهاتفين والعقل ومنطقة الكسب وسائر أعمال القلوب، فهذه المقومات تتبع الجانب الغيبي من الإنسان، وتعد أساسا متينا في إثبات حرية العبد ووقوعه تحت المساءلة وتوقيع الجزاء في الدنيا والآخرة.

أما الاستطاعة فهي من الأركان المرئية في البدن والأعضاء الخارجية، وقدرة الإنسان على تحقيق الإرادة وسائر الاختيارات الذاتية، فالله سبحانه وتعالي استخلف العباد في الأرض، وخولهم فيها، واسترعاهم، واستأمنهم ليبتليهم، فالاستطاعة التي منحها الله سبحانه وتعالي للبشر نفهم حقيقتها من خلال إدراك الغاية من خلقهم، والعلة من وجودهم في هذه الأرض بالكيفية التي تحقق معاني الابتلاء. قال تعالى: فاتّقُوا الله ما اسْتطعْتُمْ واسْمعُوا وأطِيعُوا وأنْفِقُوا خيْرا لِأنْفُسِكُمْ ومنْ يُوق شُحّ نفْسِهِ فأُولئِك هُمُ الْمُفْلِحُون التغابن:١٦.

قال تعالى: فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ ۖ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ۗ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ آل عمران:٩٧.

إن الله لما استخلف الإنسان في الأرض وخوله فيها جعل طبيعة الكائنات، وماهية المخلوقات المستخلف عليها، تسمح بقبول فعل الإنسان وتأثيره فيها، كما أن الله سبحانه وتعالي أقام النواميس الكونية والقوانين الطبيعية بحيث تمكن الإنسان من التملك والسيطرة والقوة والهيمنة ما دام يأخذ في الدنيا بأسبابها، فالله سبحانه وتعالى أعطى العبد من فضله ومكنه من نعمه، فأصبح قادرا مستطيعا فاعلا، وأمره سبحانه عند القدرة بالتواضع واللين، وأن يرد الفضل في قوله وفعله إلى رب العالمين، وأن يعرف قدره في بداية حياته، وما سيؤول إليه في عاقبته، فإذا تذكر العبد وتفكر في نفسه، وأدرك حقيقة الأشياء من حوله، علم أن حوله وقوته من عطاء ربه، وأن استطاعته إنما هي منحة من الله سبحانه وتعالي له، فعند ذلك زال عنه العجب الكبر، ولزمه الخضوع والذل، وتواضع للمولى سبحانه وتعالي، وشكر من أنعم عليه بغير حساب، وانكسرت نفسه خوفا من العقاب وطمعا في الثواب.
google-playkhamsatmostaqltradent