recent
أخبار ساخنة

كيف كانت بداية الكون في المرحلة الأولى؟


بداية الخلق قبل وجود السماوات والأرض لم يذكر فيها الحق سبحانه سوى العرش والماء واللوح والقلم، كما جاء في قوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُم مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ هود:٧.

وروى البخاري من حديث عمران رضي الله عنه أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال: (كان اللهُ ولمْ يكُنْ شيْءٌ قبْلهُ، وكان عرْشُهُ على الماءِ، ثمّ خلق السّماواتِ والأرْض، وكتب فِي الذِّكْرِ كُل شيْءٍ)

ومن باب الفضول ربما يسأل سائل ويقول: وماذا قبل العرش والماء؟ والجواب أن الله قد شاء أن يوقف علمنا بالمخلوقات عند العرش والماء، فقال تعالى: اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ البقرة:٢٥٥. فالله أعلم، هل توجد مخلوقات قبل العرش والماء أم لا؟ لكن وجودها أمر ممكن لتعلقه بمشيئة الله وقدرته، والله عز وجل يخلق ما يشاء، ويفعل ما يشاء فقال: فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ البروج:١٦.

وهو سبحانه متصف بصفات الأفعال، ومن لوازم الكمال أنه فعال لما يريد على الدوام أزلا وأبدا، سواء كان ذلك قبل وجود العرش والماء أو بعد وجودهما، لكن الله أوقف علمنا عند هذا الحد، كما أن جهلنا بذلك لا يؤثر فيما يخصنا من لوازم تحقيق الحكمة في خلق الكون والإنسان.

وقد بينت نصوص القرآن والسنة أن الله عز وجل خلق الأرض والسماء بعد العرش والماء وأنه خلقهما على مرحلتين كما قال: أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ الأنبياء:٣٠. 

هاتان المرحلتان تحققان حكمة الله في ابتلاء الإنسان وقيام الخلائق على الحق والميزان، المرحلة الأولى كانت في وضع الرتق والدخان، والمرحلة الثانية بعد خلق آدم وكما نراها الآن. وكل ذلك تم في عدة حقب زمنية سماها الله أياما، الله أعلم بمقدارها، وقد تكون مدة طويلة جدا تساوي اللحظات فيها سنين لا تحصى في حساباتنا، فمقاييسنا تعجز بجملتها عن تصور مقياس زمني، أو عامل حركي لكوكب من الكواكب لضبط تقديرات الزمان فيها.

وهذا ما أشار إليه شيخ الإسلام ابن تيميه حيث قال: (وخلق العالم في مدة غير مقدرة بحركة الشمس والقمر، كما أخبر أنه خلق السماوات والأرض، وما بينهما في ستة أيام، والشمس والقمر هما من السماوات والأرض وحركتهما بعد خلقهما، والزمان المقدر بحركتهما وهو الليل والنهار التابعان لحركتهما إنما حدث بعد خلقهما، وقد أخبر الله أنه خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام.. ويواصل قائلا. فتلك الأيام مدة وزمان مقدر بحركة أخرى غير حركة الشمس والقمر)

وهذا فهم دقيق لشيخ الإسلام ابن تيمية حيث فسر الأيام الستة بأنها حقب زمنية الله أعلم بمقدارها، حتى لو أطلق على كل حقبة فيها اسم يوم من أيام الأسبوع في اصطلاحاتنا.
ومما ورد في مجموع الأدلة القرآنية والنبوية فإن الأيام الستة المذكورة في القرآن يراد بها المرحلة الأولى من خلق الكون، وهي المرحلة التي بدأت بخلق الأرض وما عليها، ثم السماوات في وضعها الأول، والمسمى بوضع الرتق والدخان، ثم كان استواء الله على العرش بعد ذلك. قال تعالى: الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا الفرقان:٥٩.

وفي المرحلة الأولى أيضا خلقت الملائكة والجن، وقد استمرت تلك المرحلة ست حقب زمنية أو ستة أيام سميت بالأيام الاصطلاحية في عرفنا من السبت إلى الخميس.
google-playkhamsatmostaqltradent