recent
أخبار ساخنة

البَاطِن



قال تعالى: ( هُوَ الأوَّل وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالبَاطِنُ وَهُوَ بِكُل شيْءٍ علِيمٌ ) [الحديد:3]، وصح أن النبِي صل الله عليه وسلم قال: (وَأنت البَاطِنُ فليْسَ دُونكَ شيء)

والباطن سبحانه هو المحتجب عن أبصار الخلق الذي لا يرى في الدنيا، احتجب بذاته عن أبصار الناظرين لحكمة أرادها في الناس أجمعين، فالله يُرى في الآخرة ولا يرى في الدنيا لأنه شاء أن تقوم الخلائق على معنى الابتلاء، ولو رأيناه في الدنيا وانكشف عنا الغطاء؛ لتعطلت حكمة الله في تدبيره الأشياء، فكيف يتحقق الإيمان بالله ونحن نراه؟ وكيف تستقيم الشرائع إلا في الاتباع ومخالفة العبد هواه ؟

وإذا كان الله سبحانه وتعالي لا يرى في الدنيا ابتلاءا فإنه يرى في الآخرة إكراما وجزاءا، إكراما لأهل طاعته، وزيادة في النعيم لأهل محبته، والله سبحانه وتعالي مع أنه الباطن الذي احتجب عن أبصار الناظرين لجلاله وحكمته وكماله وعزته وسبحاته وعظمته إلا أن حقيقة وجوده نور يضيء بصائر المؤمنين، فهو القريب المجيب الذي يسمع دعاء الخلائق أجمعين .

ومن الدعاء باسمه الباطن ما تقدم في الأسماء السابقة، وكذلك الدعاء: اللهم اغفر لي مغفرة ظاهرة وباطنه لا تغادر ذنبا، اللهم احفظني في ولدي .. ويسمي ما يشاء .

وهذا دعاء نبوي رواه الترمذي وحسنه الألباني من حديث ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: (قال رَسول الله صل الله عليه وسلم لِلعبَّاسِ: إذَا كَان غدَاةُ الإثنيْنِ فأتني أنت وَوَلدُكَ حَتى أدْعوَ لهُمْ بِدَعْوَةٍ يَنفعكَ الله بها وَوَلدَكَ، فغدَا وَغدَونا معهُ وَأَلبَسَنا كِسَاءً ثم قال: اللهم اغفر للعبَّاسِ وَوَلدِهِ مغفِرَة ظَاهِرَة وَبَاطِنة لاَ تغادِرُ ذَنبًا، اللهم احفظهُ في وَلدِهِ)

ومن آثار توحيد المسلم لله في اسمه الباطن إقراره ويقينه أن الله سبحانه وتعالي هو الذي يقدر الأمور ويدبرها، وأن الأسباب التي أظهرها بحكمته هي كالآلة بيد صانعها والله من ورائهم محيط، هو الباطن القادر الفاعل حقيقة الذي استتر عن خلقه بلطائف القدرة وخفايا المشيئة، فالموحد يشهد الأولية من الله في كل شيء، والآخرية بعد كل شيء، والعلو والفوقية فوق كل شيء، والقرب والدنو دون كل شيء.

سبق كل شيء بأوليته، وبقى بعد كل شيء بآخريته، وعلا على كل شيء بظهوره، ودنا من كل شيء ببطونه، فلا تواري منه سماءُ سماءً، ولا أرضُ أرضا، ولا يحجب عنه ظاهرُ باطنا، بل الباطن له ظاهر، والغيب عنده شهادة، والبعيد منه قريب، والسر عنده علانية، لم يزل أولا وآخرا وظاهرا وباطنا .

google-playkhamsatmostaqltradent