recent
أخبار ساخنة

الغنيُ


قال تعالى: (له مَا فِي السَّمَاواتِ ومَا فِي الأرض وإن اللهَ لهو الغنِيُّ الحمِيدُ )[الحج:64] .

والغني سبحانه هو المستغني عن الخلق بذاته وصفاته وسلطانه، والخلق جميعا فقراء إلى إنعامه وإحسانه، فلا يفتقر إلى أحدٍ في شيءٍ وكل مخلوق مفتقر إليه، وهذا هو الغنى المطلق ولا يُشارِكهَ فيه غيرُه .

والغني أيضا هو الذي يُغني من يشاءُ من عِباده على قدر حكمته وابتلائه، وأي غني سوى الله فغناه نسبي مقيد، أما غنى الحق سبحانه فهو كامل مطلق .

ومهما بلغ المخلوق في غناه فهو فقير إلى الله لأنه سبحانه المنفرد بالخلق والتقدير والملك والتدبير، فهو المالك لكل شيء المتصرف بمشيئته في خلقه أجمعين، يعطي من يشاء ما يشاء من فضله، وقسم لكل مخلوق ما يخصه من حياته ورزقه، عطاؤه لا يمتنع، ومدده لا ينقطع وخزائنه ملأى لا تنفد، واتصاف غير الله بالغنى لا يمنع كون الحق متوحدا في غناه وهذا واضح معلوم مضطرد في جميع أوصافه بدلالة اللزوم .

ومن الدعاء باسم الله الغني ما ثبت من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في دعاء الاستسقاء أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: (وقدْ أمَرَكم الله سبحانه وتعالي أن تدْعُوه ووعدَكمْ أن يَستجِيبَ لكمْ، ثمَّ قال: الحمْدُ لله رَب العالمِين الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَلكِ يَومِ الدِّينِ، لا إلهَ إلا الله يَفعل مَا يُرِيدُ، اللهمَّ أنت الله لا إلهَ إلا أنت الغنِي ونحْن الفقرَاءُ، أنزل عليْنا الغيْث، واجْعل مَا أنزَلت لنا قوة وبَلاغا إلى حِينٍ) ( ) .

وصح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يقول إذا أوى إلى فراشه: (اللهمَّ رَبَّ السَّمَاواتِ ورَبَّ الأرض ورَبَّ كل شيء، فالق الحب والنوى، منزل التورَاةِ والإنجِيل والقرآنِ، أعُوذ بكَ مِن شرِّ كل ذِي شر أنت آخِذ بناصِيَته، أنت الأول فليْسَ قبْلكَ شيء، وأنت الآخِرُ فليْسَ بَعْدَكَ شيء، وأنت الظاهرُ فليْسَ فوقكَ شيء، وأنت البَاطن فليْسَ دُونك شيء، اقض عني الديْن وأغنِنِي مِن الفقرِ) ( )، وصح أيضا أن رسول الله صلي الله عليه وسلم كان يقول: (اللهمَّ إني أعُوذ بكَ مِن الكَسَل والهَرَمِ والمأْثمِ والمغرَمِ، ومِن فِتنة القبْرِ وعذاب القبْرِ ومِن فِتنة النارِ وعذاب النارِ، ومِن شرِّ فِتنة الغِنى، وأعُوذ بكَ مِن فِتنة الفقرِ، وأعُوذ بكَ مِن فِتنة المسِيحِ الدجَّال، اللهمَّ اغسِل عني خطايَاي بمَاءِ الثلجِ والبَرَدِ، ونق قلبي مِن الخطايَا كَمَا نقيْت الثوبَ الأبيض مِن الدنسِ، وبَاعِدْ بينِي وبين خطايَايَ كَمَا بَاعدْت بين المشرِقِ والمغرِب) ( ) ‌.

ومن آثار توحيد المسلم لله في اسمه الغني حسن إدراكه لمعنى الغنى الفعلي، فمن أغناه الله من فضله فإن غناه الحقيقي أن يخضع لربه ويتواضع لخلقه، ويعلم أنه مستخلف في أرضه مبتلى في ملكه؛ فيرد الفضل لربه، ويشكره على نعمه، لعلمه أن الله متوحد في غناه .

وأما أثره الاسم على من ابتلاه الله بالمنع فهو ظهوره بمظهر الغنى تعففا عن سؤال غير الله، وعلمه أن الغنى غنى النفس، ولا يمنعه تعففه أن يأخذ بالأسباب طلبا للفضل وزيادة في الأجر وحفاظا على النعمة، لتقوية النفس والأمة على جهادها في الدعوة إلى الله .

google-playkhamsatmostaqltradent