recent
أخبار ساخنة

بين كيف أن التوكل واجب على المقتصدين والسابقين؟


التوكل نصف الدين، والنصف الثاني الإنابة، فإن الدين استعانة وعبادة، فالتوكل هو الاستعانة، والإنابة هي العبادة، ومنزلة التوكل منزلة واسعة لكثرة حوائج العالمين، وأولياء الله وخاصته يتوكلون عليه في حصول الإيمان، ونصرة دينه، وإعلاء كلمته، وجهاد أعدائه، وتنفيذ أوامره. والتوكل عمل قلبي، ليس بقول اللسان، ولا عمل الجوارح، ولا هو من باب العلوم والإدراكات، بل التوكل حال مركب من عدة أمور لا تتم حقيقة التوكل إلا بها:
الأمر الأول: معرفة العبد بربه وأسمائه وصفاته وانتهاء الأمور إلى علمه، وصدورها عن مشيئته وقدرته، وهذه المعرفة أول درجة يضع بها العبد قدمه في مقام التوكل، فكل من كان بالله أعلم وأعرف كان توكله أصح وأقوى.
الأمر الثاني: هو الأخذ بالأسباب، فإن من نفاها وزعم أن إثبات الأسباب يقدح في التوكل وأن نفيها هو تمام التوكل، فتوكله باطل أو منقوص، لا يستقيم لهم توكل البتة، لأن التوكل كالدعاء الذي جعله الله سببا في حصول المدعو به، ولم يزل المسلمون من عهد نبيهم وإلى الآن يدعون به في مقامات الدعاء، ولكن من تمام التوكل عدم الركون إلى الأسباب، وقطع علاقة القلب بها، فيكون حال قلبه قيامه بالله لا بها، وحال بدنه قيامه بها، فالأسباب محل حكمة الله وأمره ودينه، والتوكل متعلق بربوبيته وقضائه وقدره.
الأمر الثالث: هو الرضا بالنتائج، فإنه إذا توكل حق التوكل، رضي بما قسمه وكيله، فالمقدور من الرزق والعطاء يحيطه أمران: التوكل قبله، والرضا بعده، فمن توكل على الله قبل الفعل، ورضي بالمقضي له بعد الفعل، فقد قام بالعبودية، وهذا معنى دعاء الاستخارة، فيما صح عن جابر رضي الله عنه مرفوعا: (واقدُرْ لي الخير حيث كان، ثم رضِّني به)
google-playkhamsatmostaqltradent